قصيدة "مواجعي"


مواجعي !!!!
*********
ما بالها مــواجعي ...... تثــــور بين أضلعي ؟

تـجـدد المــــاضي الحـزينَ وتستثير أدمــعي !

وتـعودني بذكــرياتٍ مـن زمـــانٍ ضائـــع

صـاغ الخيالُ حُـــروفَها .. يا لَلْـــخيال الرائعِ !


مرَّتْ كبرقٍ خــــاطفٍ أو كالســراب الخـادعِ

لكنـــها تمكنـــتْ من قلــــبيَ المُــرَوَّعِ

وأصبـــحتْ تغُـزني كشَـــــوكةٍ في مضجعي

وخلَّــفتني حـــــــائراً أَهيـــم بين الأربُعِ

تعسَــتْ وخابـتْ صــفقةً للمشـــتري والبائعِ

كانت بشـــــارة مـــولدي وكان فيها مصرعي

* * *

بـدأتْ بـدَقَّة خــــــافقٍ جـمِّ الغواية مُــولَعِ

كــــم ذاق مــــن مُـتع الهــوى لكنه لم يَقنعِ

ظـنَّ السلامـةَ حظَّه فانســــــاق فيـــه ولم يعِ

وكـــــوتْــه آلام الجــــوى لكنه لم يُقــلعِ

ألقـــتْه في شَــرَكِ الغـــــــرام بخـفةٍ وتمنُّعِ

حســناءُ تم جمـــالُها فطــغت ولم تتواضــــعِ

غــزتِ الفــــــؤادَ سهامُها بســـافرٍ ومُقنَّعِ

كصــــــورةٍ مــــن الفتـون في خيال المبدعِ

إن أقبـلتْ أو أدبرتْ حـــــارت عيـــون المجمعِ

حديثـُـها لطــــــــائفٌ يحـــار فيها الألمعي

ورِيقُــــــها خـــمرُ الجِنان ولذَّةُ المتمــــتعِ

إن جئتَــها بـــــرائعٍ أتــتْ بألـف رائـــعِ

فأذهــــلتْ وكــم أتتْ بمــــدهشٍ وممــتعِ

وكــــم سبــــاني دَلُّها بســحره المنـــوَّعِ

وألهمتْـــــني عينُــــــها فأشــرقتْ بدائعي

أودعــــتُ عمـــري عنـــدها فضيَّعت ودائعي

وقبســــتُ مـــن أنوارها فأحــــرقتْ أصابعي

لــكنــني لــم أشْــــكُ من نار الغرام ولـم أعِ

وظللت أعـــــدو خلفـــــها كقـائدٍ وتـابعِ

وسألـــت نفســـي حائراً عـــن غايتي ودوافعي

ماذا إليـــها شـــدني وأهمَّني في مضــــجعي ؟

فبتُّ ليلِـــــي ســــاهــراً أتلو دعاء الخاشعِ

نوازعٌ تــــــسوقني وما انتــــهت نوازعي !

* * *

يا فتـنةً للـــناظرين وبهـــــجةَ المســـامعِ

ماذا فـعلتِ بنـــاسكٍ بين الضـــلوعِ مُــقطَّعِ ؟

إن الـــذي خـــلق الجمـــالَ وكلَّ شيءٍ بارعِ

أعطــــاكِ حســــــناً طاغيـاً فتدللي وتمنَّعي

ومُـــــــري بما شـاء الجمالُ فإن تشيري أخضعِ

هذا فـــــــؤادي مسرحٌ من أجل عينكِ فارتعي

وعذبيه ومتِّعــــــيه ، وشتتــيه واجمــــعي

ناديتُـــــها فأعـــرضتْ ومضتْ كأنْ لم تسمعِ

وأســـــرفت تلك الجمــــيلةُ في الدلال المائعِ

كذَبَــتْ ظنوني كلُّها فيــــــــها وخاب توقُّعي

وبدَتْ خفــــايا نفســـــها علناً ولــم تتبرْقعِ

وخَبَرْتُها فتــــكشفتْ عـــــن سوء طـبعٍ أشنعِ

لُـــؤمِ البغايا الفاجـــــرات وغــدرِهن المُوجِعِ

وجــــهٌ ضحــــوكٌ مشــرقٌ يخفي سمومَ مُخادعِ

وكــــــلامُ صـــــبٍّ مغرمٍ وفعال ذئبٍ جائعِ

أصــــــلٌ خبيثٌ سيئٌ أخفــــاه طِيبُ الأفرُعِ

مــازلتُ أذكــــر لهفتي مـــن أجـلها وتفجُّعي

ومواسمَ الــــسهر الطــــويل على حنينٍ خاشعِ

كم أنكــــرتْ ليـــــــالياً نعِمتْ بلذتها معي

ومزقـــــتْ رســـــائلي ولـم تبالِ تضرُّعي

ضـــاقت بصــــاحبها الوفيِّ وراقــها مَن يدَّعي

وأفــــي لها بمــــواعدي فتـــفي بكلِّ فاجعِ

وأصــــونها وتخــــونني وإن أصِـــلْها تَقْطَعِ

صِـــــرنا مثالاً في الهـوى لِمُخَــرِّقٍ ومُرَقِّــعِ

وعلمـــتُ بعـــد نهـــــايتي وتمزُّقي وتصدُّعي

أن البـــــكاء مَــــــذلَّةٌ والدمع ليس بنافعي

فالغـــدر مــن شِيَمِ الحِــسان وطبعِــهن الشائعِ

كفْكفْتُ دمـــع توسُّلي وقهــرتُ ضعفَ الــجزعِ

لكـــنها مــــواجعي ..... تــثور بين أضلعي

تجـــدِّدُ الماضـــي الحـــزينَ وتستثير أدمـعي !

***********

تأليف الدكتور شعبان عبد الجيِّد