تدلَّلِي !!
******
تدلَّلـي تدلَّلـي ..... يا فتنةَ المُخَـــــبَّلِ
وأشعلي نارَ الغــرامِ في الفؤاد أشعلي
يا جمرةً من الغيـــوبِ في لظاها مقتلي
وهَبي المتيَّمَ في رحـابكِ نظرةً وتفضَّلي
ومتِّعيه بالوصـــال فأنت نِــــــعمَ الموئلِ
أنا في بعــــــــادك أقطـع الأيام بالتذللِ
أبكي بقايا الذكــــريات في الزمان الأوَّلِ
وأهيم في وادي الجنـون مثلَ صَبٍّ ثمِلِ
حيْرانَ شتَّتَه الخــبالُ في ظلامِ السبلِ
يمشي على غير اهتداءٍ في دروب العِللِ
تمضي ثواني عُـــــمره كحُلمِه المكبَّلِ
ثقيلةً بطيئةً تســـــــعى بغـير أرجُـــلِ
تجرُّ عمري خلفــــــها كظلها المُسرْبَلِ
لا تسألي عن العـذاب في الغرام فهو لي
وترفقي بالمســــتهام الحائر المضـــلَّلِ
فمناه أن يحـظى بطيفٍ من خيالِكِ ماثلِ
*******
تمهَّـلي تمهَّـلي ....... يا أمنياتِ الآمِـــلِ
ما زال في عمر الهوى وقـتٌ فلا تتعجلي
أنا عند بابكِ ســــاهرٌ وحْـدي فلا تتدللي
وأسعدي القلب الحزين بالمنى وأمــطلي
إن لم تُنيـلي بالوصــــــــــال مَـرةً فعللي
لعلَّ وعــداً كاذباً يحُيي مُـــــــــواتَ أملي
إن كنتُ جاوزتُ الحدودَ فاغفري لي زللي
وسامحيني واعذري لي هـفوةً من خطلي
هل ساهرٌ في ليل حبِّكِ عمرَه كــغافلِ ؟
أو من تعذَّب في جحيم هواكِ كالمتجاهلِ ؟
لا يستوي الصبُّ المعنَّى في غرامك والخلي
فإلى متى هذا الصدودُ ؟ فاض كيْلُ المللِ
رفقاً بقلبٍ بالمواجـــع في غرامِك مثقَلِ
الذكرياتُ تسْــتبيه بالحنـــــــين القاتلِ
قد جُرتِ في هذا الصدودِ عن المعذَّب فاعدِلي
ذابتْ ببحر الصمت أحلامي وخابت حِيلي
وهوتْ إلى قـاع الهموم أغــنياتُ الغزلِ
وبدتْ ليَ الأيام بعـــدكِ كُربةً لا تنجلي
تُقْصِي مُــنى الأحلامِ عني ثم تُدْني أجــلي
تخيَّلي بحـــرَ الدمــــوع طامياً تخيّلي
يبكي القتيلُ المستــــهامُ من غرامِ القاتلِ
لم يبق شيءٌ في يديَّ مــن بقايا الأمـــلِ
تغزو الوساوسُ روحـيَ الحيْرى بجيشٍ جَحْفلِ
وتعودُني سُــودُ الظنونِ بالمصـــيرِ المقبلِ
وتخطُّ في لَوْحي البئـــيسِ صورةَ المستقبلِ
كئيــــبةً قبيــحةً ، مريـرةً كالحــــــــنظلِ
وأنت يا معْـــنى الوجودِ وزيْنَ كلِّ محـــفلِ
تسوِّفين مـــوعدي إلى الغـــدِ المؤجَّلِ
وتظهــــرين في الســماء لحظةً لتأفُلي
مثلَ الأماني الكــاذباتِ في خيـالِ الجاهلِ
وتتركيـــني مغرماً معلَّـــــقاً بأحْـــــبُلِ
مفتــــولةٍ من الخيـال ، يا لَوعد الماطلِ
*******
هل تذكــرين قصةً مجهـــولةً لم تكْمُلِ ؟
حين التقــــيْنا صدفةً ، يا لَلِّقاء المذهلِ !
وبعــثتِ أشواق الصبابة من ضمير الأزلِ
بحديثك الشهــدِ المذاب سلسلاً من سلسلِ
فظننت أني في النعـــــيم أعتلي وأجتلي
وأنتشي من غير خمـــــرٍ من عبير القُبَلِ
وأرشُـــف الأحلام صفواً من لَمىً كالعسلِ
هل تذكرين كيف كنا عند مجرى الجدولِ ؟ !
نتقاسم اللذاتِ جــــهراً ذائباً في الخجلِ
وحملتِ عـني من ذنوب الحــبِّ ما لم أحملِ
فغدوتُ في دنيا هــــواكِ كراهبٍ متبتلِ
يحيا بدَيْـر الأمنيات عن الهمـــومِ بمعزلِ
فلئن تكوني الآن قاسيـــةً كصخر الجندلِ
تتقلَّبين وتظـــهرين بألف وجـــــــهٍ باطلِ
فأنا كعــــهدي منذ ذقتُ هواكِ .. لم أتبدَّلِ
سِيان عندي أن تجـــودي الآن أوْ أن تبخلي
منِّي لكِ الصفحُ الجميلُ ، غفرتُ مهما تفـعلي
فتدلَّلــي تدلَّلـــي ...... يا فتنةَ المخــــــبَّلِ !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأليف : الدكتور شعبان عبد الجيد محمد علي