توسُّل !!
******
لا تهجُــــــريه فإن الهجـــــر يُضــنيهِ
يكفيه ما يشتكـــي في القرب يكفيهِ
فـــــــي القلب بركان شوقٍ ثائرٌ أبداً
فهل تَـــــــرينَ لظى الهجران تُطفيهِ ؟
يا مُنية النفس قد أسرفت في ألمي
وذا فــــــــؤادي عليلٌ مَـــــن يداويهِ ؟
من أجـل عينيك يُحيي الليلَ منفرداً
وأنجُــــــمُ الليل تـــدري ما يقاسيهِ
رفـــــقاً به إن فـــــــــيه مــا يعذِّبُه
أستغفر الحبَّ أن تشـــقَي بما فيهِ
ملَكتِهِ فانتهى أمــــــــــرُ الغـرامِ بهِ
إليكِ وحــــــدكِ : باديه وخــــــافيهِ
لا يكتم الحـــــــبَّ قصداً أو يبوحُ به
طـــــــوعاً لأمــــرك ينشره ويطويه
مصيرُه بين هجــــــــرٍ منكِ أو صلةٍ
فالهجرُ يقتله والوصـــــــــلُ يُحييهِ
فلا تَزيـــــديه صدًّا واعطفـي كرماً
فالصــــــــدُّ يُهلكه والعطف يُنجيهِ
أو فافعلـــي ما بدا لكِ في محبته
إن الحـــــبيب مُحِـقٌّ فـــي تجنِّيهِ
وتدللي وأْمُــــري وانَْهَـي فلا حرجٌ
فـــــــذاك منكِ يُمَـــنِّـــــيهِ ويُلهيهِ
ولْتهجري أو صِلِــي فالقلب مرتَهنٌ
لدَيــــكِ لا يبتغي بدلاً بجـــــافيهِ
أحوالُه فيك باتت كلُّها عجـــــــباً
وجـــــــــميع أمركِ يرضيه ويُغريهِ
إن شئتِ أرضيتِهِ بالقــــرب راضيةً
أو شئتِ أشقيتِه بالـــــدلِّ والتيهِ
ما زال يذكُرُ .. والأيــــــامُ مُنسيةٌ
فيضاً من النشوة الكـبرى يُسلِّيهِ
يوم التقينا فلا الأزمانُ عــــــالمةٌ
بما أَحسَّ ولا الأكــــــــوانُ تدريهِ
أسكرتِني باللحاظ الفاتناتِ ضُحىً
وشاربُ الحُـــسن مخمورٌ بساقِيهِ
فالسحرُ من عينه والطِّيبُ من يدهِ
والشهدُ من ريقِه والخمر من فيهِ
أوَّاهُ من فتــــــــنة العينين إن لها
سهماً مُصيباً وفلبي من مراميهِ
صوني جمالك فالأبصار شاخصةٌ
والشمس ذاهلةٌ والكون في تيهِ
تبارك الله هذا الحـــــسن منفردٌ
لا تحتويه ـ جــــــلالاً ـ عينُ رائيهِ
أتُراه من عالـــــم الأملاكِ جاء لنا
أم أنه آيةٌ من صُــــــــــــنعِ باريهِ ؟؟
لا أستطيع له وصــــــــفاً فغايته
تعيي البيانَ فـــلا تُدرَى أساميهِ
ولا يحــــــــــيط به فنٌّ ولا لــغةٌ
ولا تصوِّرُه كـــــــــــــلُّ التشابيهِ
ولا تقرِّبُـــــــــــــــه للناس أمثلةٌ
فجـــــــميع أمثالنا أغلاطُ تمويهِ
يا ربَّةَ الحسنِ رِقِّي للمحب فقد
باتت ترقُّ له ـ عـــــطفاً ـ أعاديهِ
ومتِّـــعي القلب باللقيا فليس له
أملٌ ســـــــوى أن تجيبيه وتدنيهِ
بدَّلتِ أحــــــــــوالَه وجعلتِهِ مثّلاً
ليذوقَ مُرَّ الهــوى من بين أهليهِ
يا فتنةَ العمرِ ضــاع العمرُ من يدِنا
ونحن في الصـــدِّ والهِجران نُفنيهِ
وا حسرةَ النفس إن مرَّ الزمانُ ولم
تبلِّغي القلبَ بعضاً من أمـــــانيهِ !!!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
د. شعبان عبد الجيِّد